لحظة منفلتة .. قصة تماضر كريم

 تماضر كريم ( كاتبة من العراق).


لحظة منفلتة .. قصة تماضر كريم


الأمر بدأ بفكرةٍ مضحكة ، في لحظة منفلتة ، كانت تسكب الشاي في الأكواب بكلّ أريحية ، بعد أن وضعت كمية كبيرة من السكّر لابنتها و كمية متوسطة لزوجها و تركت كوبها بلا سكر ، حسنا ، ماذا لو أنهتٔ حياتها ، انفرجت شفتاها عن أسنان سليمة لامعة وهي تتخيل شكل عائلتها و أصدقائها بعد سماعهم النبأ، كادت تضحك بصوت عال ، لشدة غرابة الفكرة و استحالة وقوعها ، عندما حملت الأكواب بخفة، و بهجة قلّ نظيرها، انفجر السؤال بداخلها ( لم لا )؟ 

كثيرا ما أحب زوجها طريقتها في فعل الأشياء، لم يخبُ يوماً شعاع انبهاره بها ، حتى بعد عشر سنوات من الرِفقة  ، عندما حمل الشاي إلى شفتيه صدرت منه صيحة ، لقد احترق لسانه ، ضحكت بدلال و تهكّمت عليه ، ما لبث أن حلّ صمتٌ مفاجيء ، صمت غريب ، ثم خيم على قلبها إحساس عميق بالحزن ، وهي تشرب شايها المُر ، يا للعجب ، إنها تُمطر ، إنها زخة مطر عجولة غزيرة ، تطرق النوافذ بإلحاح واضح ، و ترسم على النوافذ خطوطا متعرجة و على الطرقات خرائط غامضة ، و الفكرة ذات الفكرة تومض في خيالها ، كيف تُنهي هذا الوجود .. هذا الكيان  ، لمَ قد تكون هذه الفكرة مستحيلة ، إنها قابلة للحصول ، فتحت خزانة ملابسها ، ألقت نظرة على كلّ شيء، الحقائب ، الحليّ ، علب التجميل ، هنا حاسوبها و أقلامها التي تختارها بعناية ، و دفاترها ، و مكتبتها ذات الرفوف شديدة الترتيب ، و الجدران التي تزينها اللوحات الباهضة و الصور التي تشرق بالبسمات ، كل شيء هنا يريد أن يعيش ، أن يدوم ، أن يعانق الصباح  كلّ يوم ، و يسهر مع النجوم كل ليلة ، لكنها لم تفهم ، لماذا كانت تشعر أنها تودّع كل أشياءها التي تحب ، كأنها تلوّح لها ، 

هل هي لعنة الفكرة التي باغتتها ؟ (نعم لمَ لا ؟ لم قد تكون تلك التفاصيل مهمة ، و تلك الأشياء ذات قيمة  ؟ ألم يكن أولئك الذين أنهوا حياتهم قبلي ، في لحظة ما مستغرقين في أيامهم بتفاصيلها الحلوة و المرة ، و ربما كانوا في أوقات ما يعيشونها بشغف كبير ، نعم ، أظن أن ضحكتي المبالغ فيها اليوم حول فكرتي المباغتة كانت سخافة لا أكثر ، فالأمر جاد ، إنه ليس مضحكا أبدا ) . أغلقت الخزانة ، و الكتاب الذي بقي مفتوحا على صفحة ما منذ ليلة ، نزعت الخواتم من أصابعها و باقي الحلي ، 

رفعت شعرها الطويل إلى الأعلى، عندما خرجت من غرفتها كانت قد وضعت خطة لتنفيذ فكرتها ، ذهبت  بثبات لتبدأ بالخطوة الأولى ، لكن صوت ابنتها أوقفها لوهلة ( ماما أين دفتر الرسم ..لم أعثر عليه في حقيبتي ) ،قالت لنفسها أن من ينوون عمل شيء مهم لن يثنيهم الأطفال عن ذلك ، الأطفال سبب عاطفتنا الزائدة و سبب ضعفنا ، كانت تفكر في ذلك وهي تبحث عن دفتر الرسم، تبا لدفتر الرسم، تحت السرير وجدته  بعد بحثٍ قصير، حملته بلا مبالاة إلى ابنتها ( لا تُلقي أشيائك هكذا ..لقد نبهتكِ مرارا )، أدهشتها فرحة ابنتها بدفتر الرسم ، ماذا سترسم الآن ؟ تبدو متحمسة ، 

لكن ماذا لو انتظرت قليلا ريثما تُنهي رسمتها، هذه الطفلة مذهلة في استعمال الألوان، نظرت إلى الأرض والسماء و البيت ذي النافذة الصغيرة و شجرة الرمان ، في لوحة ابنتها ، كان كل شيء كاملا هنا ، عدا الأشخاص ،إنهم مغيبون، حسنا تفعل، عالم بلا إنسان، هذا ما يجب أن نرسمه، لم تُظهِر ثناءً لابنتها ، كانت غارقة في تفاصيل اللوحة،( ماما  ماما هل هي جميلة )؟ 

كلّ ما  علينا فعله أن نتجاهل جمال الأشياء من حولنا، الأطفال ، لوحاتهم، الأصدقاء، الأيام القادمة ، التفاصيل الحلوة ، نكهات الشاي والقهوة مثلا ، طعم الكعك المحلى ، كل شيء.  ينبغي أن نكون شجعانا، الأشياء العظيمة تبدأ بفكرة، فكرة مضحكة أحيانا، صدقيني يا صغيرتي حتى لوحتك هذه لن تصمد أمامها ، حتى ابتسامتك، و رغبتك في الثناء، فقط لا تؤخري رجاء ما أريد البدء به !       

دموع تحت المصباح - أم غادة الجم

قصة قصيرة 

دموع تحت المصباح   - أم غادة الجم




لم يكن الليل عادياً تلك الليلة. كان الصمت متكتلاً في الزوايا، يتسلق الجدران كأنه مخلوق حي، يتنفس ببطء، يتأمل وجهها المرهق، وكتفيها المنهارتين. في الركن المعتم، بجوار الجدار البارد، انحنت روزا على جسد والدها المسجى على الأرض. لم تكن تبكي، لم تكن تصرخ، فقط كانت تسند رأسها فوق ساعديها، تحدق في الفراغ، كأنها تحاول أن تجد في العدم تفسيراً لكل شيء.

كل شيء انهار في لحظة واحدة. قبل ساعات فقط، كان والدها يبتسم رغم التجاعيد التي حفرتها الأيام على وجهه، ورغم الجهد الذي التهم ظهره، كان يقول لها: "الصباح دائماً يحمل شيئاً جديداً، لا تخافي من الليل يا صغيرتي." لكنها الآن وحدها، والليل يسخر منها، والمصابيح فوق رأسها تومض وكأنها تبكي معها.

تذكرت كيف بدأت الحكاية. جاء ذلك الرجل ذو القفازين السوداوين، لم يكن وجهه واضحاً تحت الظلال، لكنه كان يحمل شيئاً في يده. شيء صغير، لكنه كان كافياً ليمحو كل ما تبقى من أمل. الكلمة الوحيدة التي نطق بها قبل أن يختفي في الظلام كانت: "انتهى."

انتهى؟ ما الذي انتهى؟ لم يكن والدها سوى رجل بسيط، يعمل بيديه، يكافح ليضع الخبز على الطاولة. لم يكن له أعداء، لم يكن له أصدقاء حتى. فمن ذا الذي قرر أن يأخذ منه الحياة بهذه البساطة؟

لم تكن روزا تفكر في الانتقام، لم تكن تفكر في العدالة، فقط أرادت أن تتشبث بلحظة أخيرة، أن تحفظ ملامح والدها قبل أن يبتلعها النسيان. لكن الدموع خانتها، انسابت بصمت، وسقطت على يده الباردة، كأنها تحاول أن تعيده للحياة.

خارج الغرفة، كانت المدينة نائمة، كما لو أن العالم لم يفقد شيئاً، كما لو أن ضوء المصابيح المرتعشة لم يشهد انكسار روحٍ في العتمة.

بطاقات شعرية - أنس تاجديت

بطاقات شعرية    - أنس تاجديت





 

بطاقات شعرية   أنس تاجديت


بطاقات شعرية   أنس تاجديت



بطاقات شعرية   أنس تاجديت


بطاقات شعرية   أنس تاجديت

لك الله من برق تراءى فسلما شعر ابن خفاجه

 

ابن خفاجة 450 - 533 هـ / 1058 - 1138 م إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الجعواري الأندلسي. شاعر غَزِل، من الكتاب البلغاء، غلب على شعره وصف الرياض ومناظر الطبيعة. وهو من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية في شرقي الأندلس. 


لك الله من برق تراءى فسلما   شعر ابن خفاجه


لَكَ اللَهُ مِن بَرقٍ تَراءى فَسَلَّما

وَصافَحَ رَسماً بِالعُذَيبِ وَمَعلَما

إِذا ما تَجاذَبنا الحَديثَ عَلى السُرى

بَكيتُ عَلى حُكمِ الهَوى وَتَبَسَّما

وَلَم أَعتَنِق بَرقَ الغَمامِ وَإِنَّما

وَضَعتُ عَلى قَلبي يَدَيَّ تَأَلُّما

وَما شاقَني إِلّا حَفيفُ أَراكَةٍ

وَسَجعُ حَمامٍ بِالغُمَيمِ تَرَنَّما

وَسَرحَةُ وادٍ هَزَّها الشَوقُ لا الصَبا

وَقَد صَدَحَ العُصفورُ فَجراً فَهَينَما

أَطَفتُ بِها أَشكو إِلَيها وَتَشتَكي

وَقَد تَرجَمَ المُكّاءُ عَنها فَأَفهَما

تَحِنُّ وَدَمعُ الشَوقِ يَسجِمُ وَالنَدى

وَقَرَّ بِعَيني أَن تَحِنَّ وَيَسجُما

وَحَسبُكَ مِن صَبٍّ بَكى وَحَمامَةٍ

فَلَم يُدرَ شَوقاً أَيُّما الصَبُّ مِنهُما

وَلَمّا تَراءَت لي أَثافِيُّ مَنزِلٍ

أَرَتني مُحَيّا ذَلِكَ الرَبعِ أَهيَما

تَرَنَّحَ بي لَذعٌ مِنَ الشَوقِ موجِعٌ

نَسيتُ لَهُ الصَبرَ الجَميلَ تَأَلُّما

فَأَسلَمتُّ قَلباً باتَ يَهفو بِهِ الهَوى

وَقُلتُ لِدَمعِ العَينِ أَنجِد فَأَتهَما

وَخَلَّيتُ دَمعي وَالجُفونَ هُنَيهَةً

فَأَفصَحَ سِرٌّ ما فَغَرتُ بِهِ فَما

وَعُجتُ المَطايا حَيثُ هاجَ بِيَ الهَوى

فَحَيَّيتُ مابَينَ الكَثيبِ إِلى الحِمى

وَقَبَّلتُ رَسمَ الدارِ حُبّاً لِأَهلِها

وَمَن لَم يَجِد إِلّا صَعيداً تَيَمَّما

وَحَنَّت رِكابي وَالهَوى يَبعَثُ الهَوى

فَلَم أَرَ في تَيماءَ إِلّا مُتَيَّما

فَها أَنا وَالظَلماءُ وَالعيسُ صُحبَةٌ

تَرامى بِنا أَيدي النَوى كُلَّ مُرتَمى

أُراعي نُجومَ اللَيلِ حُبّاً لِبَدرِهِ

وَلَستُ كَما ظَنَّ الخَلِيُّ مُنَجِّما

وَما راعَني إِلّا تَبَسُّمُ شَيبَةٍ

نَكَرتُ لَها وَجهَ الفَتاةِ تَجَهُّما

فَعِفتُ غُراباً يَصدَعُ الشَملَ أَبيَضاً

وَكانَ عَلى عَهدِ الشَبيبَةِ أَسحَما

فَآهٍ طَويلاً ثُمَّ آهٍ لِكَبرَةٍ

بَكَيتُ عَلى عَهدِ الشَبابِ بِها دَما

وَقَد صَدِئَت مِرآةُ طَرفي وَمِسمَعي

فَما أَجِدُ الأَشياءَ كَالعَهدِ فيهِما

وَهَل ثِقَةٌ في الأَرضِ يَحفَظُ خِلَّةً

إِذا غَدَرا بي صاحِبانِ هُما هُما

كَأَن لَم يَشقُني مَبسِمُ الصُبحِ بِاللِوى

وَلَم أَرتَشِف مِن سُدفَةٍ دونَهُ لَمى

وَلَم أَطرُقِ الحَسناءَ تَهتَزُّ خوطَةً

وَتَسحَبُ مِن فَضلِ الضَفيرَةِ أَرقَما

وَلا سِرتُ عَنها أَركَبُ الصُبحَ أَشهَباً

وَقَد جِئتُ شَوقاً أَركَبُ اللَيلَ أَدهَما

وَلا جاذَبَتني اَلريحُ فَضلَ ذُؤابَةٍ

لَبِستُ بِها ثَوبَ الشَبيبَةِ مُعلَما

مظاهر سطحية التفكير في بنية العقل العربي

 

تأليف الدكتور محمد محمد يونس علي

في إطار محاولتي لتفكيك بنية العقل العربي المعاصر أواصل في هذا المقال تسليط الضوء على أهم مظاهر التخلف فيه، وذلك لغرض تشخيصها، ولإثارة انتباه المعنيين ﺑﻬا كي يسهموا في البحث عن حلول علمية وعملية لمعالجتها، ويتمحور حديثي هذه المرة حول سطحية التفكير. تتجسد هذه السمة فيما يأتي من مظاهر:

مظاهر سطحية التفكير في بنية العقل العربي


1- قصر النظر:

يطلق قصر النظر على كل تخطيط أو تقويم لعملٍ ما يُقتصر فيه على مردوده الآني، أو ما يترتب عليه في المستقبل الداني، وهو أمر يؤدي إلى صاحبه إلى التخبط والجور على من هو دونه حين يجبره على إنجاز ما قصّر هو فيه، ويبدو هذا واضحا في المؤسسات التي يغيب عنها التخطيط المستقبلي، وتضطر إدارﺗﻬا إلى إرغام موظفيها على القيام بأعمال لا يمنحون فيها الوقت الكافي لإنجازها فيترتب على ذلك رداءة الأداء وتفاهة النتائج. وما قيل عن المستوى الإداري ينطبق على المستوى الفردي والأسري والاجتماعي.

2- غياب العمق:

أعني بغياب العمق غياب الطابع التجريدي في البحوث والأعمال، وعدم العناية بالتفاصيل، والاقتصار على ما هو مألوف أو ما يسهل الوصول إليه، وعدم التنويع في مصادر المعرفة، وغياب التأصيل الفلسفي والنظرة الشمولية للموضوع، والعجز عن التنظير، والجهل بطبيعة المعرفة البشرية، وأصولها.

3- صفرية الانطلاقة:

المراد بصفرية الانطلاقة عدم الرجوع إلى ما فعله الآخرون، والابتداء دائما من نقطة الصفر، ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح في مؤتمراتنا وندواتنا العلمية حين تقوم الجهة المنظمة بعملها دون نظر إلى الجهود السابقة في اﻟﻤﺠال المبحوث، وينطبق هذا إلى حد كبير على البحوث والأعمال الفردية في مختلف اﻟﻤﺠالات، ولا أدل على ذلك من غياب الدوريات واﻟﻤﺠلات العلمية العربية وقواعد البيانات في مختلف التخصصات عن الإنترنت، وانعدام الفهرسة التي تسهل الرجوع إليها، والوضع السيئ الذي تعاني منه إجمالا. ومن انعكاسات التخلف وصفرية الانطلاقة أيضا عدم مراعاة نتائج اللسانيات الحديثة في وضع المناهج إلا ما ندر، وإهمال تجارب الآخرين في تدريس اللغة، وإهمال الباحثين ما سبق أن كُتب في الموضوع متجاهلين أن إسهامهم العلمي ما هو إلا لبنة في بناء أشمل وأوسع وأقدم. ولا يخفى أن النزعة الصفرية والنظرة الهلالية المصاحبة لها تفوّتان علينا فرصة الإفادة من الخبرة التراكمية التي هي الأساس الأول في بناء حضارة متقدمة.

4- إهمال الكيف والاهتمام بالكم:

يقاس النجاح عندنا في معظم الأحوال بالعدد، وليس بالجودة، ويمكن أن نرى هذا بوضوح في معايير التوظيف، والترقية، والتكريم، والمباهاة، فزيادة العدد أو الحجم دائما هو الأهم، والاهتمام دائما ينصب (بنظرة مستدبرية لا مستقبلية) إلى "كم ُفعِل" وليس إلى "كيف سيفعل"

5- التفكير الشخصاني (المتمحور حول الأشخاص لا الأفكار)

ينحصر اهتمام كثير من الناس في ملاحظاﺗﻬم وتقويمهم للظواهر والأحداث في الأشخاص الذين لهم صلة ﺑﻬا بدلا من العناية بالأحداث والظواهر في حد ذاﺗﻬا. وتتوجه العاطفة (حبا أو بغضا استحسانا أو استقباحا رضا أو سخطا) وكذلك الأحكام (قبولا أو رفضا) نحو الشخص الذي قام بالفعل أو كان موضوعا له. ويؤول هذا في ﻧﻬاية الأمر إلى التعلق بالأشخاص وربما تقديسهم أو التحامل عليهم ومحاربتهم في الوقت الذي تكون فيه الحاجة ماسة إلى التعامل مع الأحداث والظواهر التي ارتبطت ﺑﻬا أسماؤهم. وربما يرى هذا بوضوح في التعامل مع الحكام والمسؤولين، وغيرهم. ولكي نأخذ مثالا على ذلك، علينا أن تذكر هنا أن النقد في عالمنا العربي كثيرا ما يأخذ طابعا شخصيا صريحا تظهر فيه العاطفة نحو الشخص المنقود في الوقت الذي تكون فيه الحاجة ماسة إلى الحديث عن الظاهرة أو الفكرة المعنية نفسها. وقد أدرك مالك بن نبي الأثر السلبي للتفكير الشخصاني في العقل العربي المعاصر، وسماه بالعقيدة الوثنية، ورأى أﻧﻬا تتجسد في شيئين : تقديس الأشخاص، وتقديس الأشياء، مستنتجا أن المشكلة الحقيقية إنما هي "مشكلة الحضارة أولا وقبل كل شيء "، ويبدو أنه يقصد مشكلة بناء عقلية حضارية بالتخطيط لثقافة "شاملة يحملها الغني والفقير، والجاهل والمتعلم".(1) وقد فسر سبب إطلاق الجاهلية على عصر مجتمعات ما قبل الإسلام بأن "علاقاﺗﻬا المقدسة لم تكن مع أفكار وإنما كانت مع أوثان الكعبة ".(2) وبعد أن شرح كيفية انتقال نمو اهتمام الطفل من العناية بالأشياء إلى العناية بالأشخاص إلى العناية بالأفكار استنتج مالك بن نبي أن مرحلة العناية بالأشخاص في اﻟﻤﺠتمعات الإنسانية هي مرحلة سابقة لمرحلة العناية بالأفكار.(3) ويرى عبد الكريم بكار أن أزمة الخلط بين الأفكار والأشخاص تزداد "حين تمر الأمة بمرحلة ركود، أو حين تواجه أزمة في الفعل، فينتج عن ذلك أزمة في إعمال العقل، فتقل، أو تضعف فاعلية الأفكار ".(4) أما في اﻟﻤﺠتمع السليم فإن التميز واضح بين الأفكار والأشخاص والأشياء، "ويكون اﻟﻤﺠتمع في أعلى درجات الصحة حين يكون الولاء لـ"الأفكار" هو المحور الذي يتمركز حوله سلوك الأفراد وعلاقاﺗﻬم وسياسات اﻟﻤﺠتمع، بينما يدور "الأشخاص والأشياء" في فلك الأفكار".(5)

6- التفكير التبسيطي:

يتلخص التفكير التبسيطي في المبادرة بتقديم حلول بسيطة لمشاكل معقدة، وإجابات سهلة لأسئلة صعبة. ومن ذلك ما يقوله بعض الناس من أن مشاكل الأمة ستحل بتنصيب خليفة للمسلمين، أو بنقل التقنية الغربية، وأن حل مشكلة التعليم موكول بإدخال الإنترنت إلى المدارس، وأن حل أزمة العربية إنما يكون بصدور قرار سياسي يعيد لها هيبتها، ويعيد لها مجدها. ويرتبط التبسيط بالعقلية البدائية التي يعوزها التراكم المعرفي الذي يؤهلها لإدراك أبعاد المشكلة وتعقيداﺗﻬا، ويحول دون النظر في الاتجاهات المختلفة.

7- التفكير الحشوي:

ترتبط المعرفة عند الكثير من الناس بجمع أكبر قدر من المعلومات وتخزينها، فإذا كان العارف مدرسا نزع إلى حشو تلك المعلومات في ذهن طلابه، وهكذا تستمر العجلة في الدوران ولكن في مكان واحد. والضحية الأولى في هذا النهج التفكيري هي المنهجية والإبداع، والتعليم، والبحث العلمي.

"البوبراك "كتاب روائي جديد للأديبة خديجة التومي

"البوبراك "كتاب روائي جديد للاديبة خديجة التومي


البوبراك   كتاب روائي جديد للأديبة خديجة التومي .



 تونستقديم وتوقيع "البوبراك" كتاب روائي جديد للأديبة خديجة التومي .

بالمقهى الثقافي لنزل مرفه بنزرت عشية السبت 11 ماي 2024 التأمت أمسية أدبية على شرف الأديبة الأستاذة خديجة التومي بمناسبة مؤلفها الجديد " البوبراك " بتنظيم صالون أنير للفكر والثقافة والفنون برئاسة الأستاذة سميرة كشك .
أدارت الحوار بحرفية وحنكة الأستاذة دلال الغربي وتولى تقديم الكتاب الأديب الناقد الأستاذ محمد المي الذي جاء على تفاصيله قراءة شاملة معمقة تاريخا ونضالا الأمير عبدالقادر نموذجا و مفسرا البوبراك الجاثم على الأمة .
رواية البوبراك نشرت بدار البشير بمصر .
الكتاب صادر عن دار الثقافة للنشر والعلوم جاء في الحجم الكبير ضم بين دفتيه 272 صفحه بها 17 ملزمة فيه مزج ما بين التاريخ والخيال الأدبي وهو كما جاء على لسان مؤلفته رواية الطواعين ..فصولها ازميل الحفر في الذاكرة كي تحيا. وهي رواية فاضحة لأطماع الخارج وخيانات الداخل عرت تفاصيل الوقائع المرعبة رافقت بالسرد اساطيل الاحتلال الفرنسي للجزائر وتونس .
تخللت الفقرات مراوحات موسيقية للميسترو عازف الناي لسعد العمري بمعزوفات طربية شنفت أسماع الحاضرين وانتهت الأمسية الثقافية بتوقيع الكتاب والتكريم والتقاط الصور التذكارية .
عبد الفتاح الغربي

"بشراسة غير معهودة كان حوارهما تلك الليلة الكئيبة . لم تتوان لحظة عن السطو على الكلمات واحتكارها، علا صوتها ، صارت عيناها أشدّ اتساعا وسوادا، وكانت قبل تلك الليلة الكاشفة لطيفة هادئة فكيف تحوّلت إلى لبؤة ؟ أكان الجرح بذاك الهول ؟ وهل لامس الغدر خطّها الأحمر ؟
صاحت به : ما حكم من يبدّد حلما حفي قلبك كي يطاله؟
خفض الصوت بحثا عن مهرب ، وكوك وهو ينوي النطق فبادرته : لا أنتظر منك حججا ولا تبريرات أو دموعا فقد صار صوتك خارج التغطية وعواطفك بلا هويّة ، كلّ ما أريده أن أنفث في أدراج ذاكرتك مُسيلا أبديّا للحسرة ، يعجز زمنك الآتي على تجاوزه ولو لحظة .
قم وتدثّر في عزّ الحرّ فلن تغادر جسمك الرّجفة مادام فيك بقايا نفس ودم ، ودّع الحياة وأنت حيّ رُزق النّعيم فكفر .
لن أجلدك سوى بصمتي ."



"البوبراك "كتاب روائي جديد للاديبة خديجة التومي

"البوبراك "كتاب روائي جديد للاديبة خديجة التومي


"البوبراك "كتاب روائي جديد للاديبة خديجة التومي


"البوبراك "كتاب روائي جديد للاديبة خديجة التومي